في مارس من العام الحالي، بدأت بعض عمليات الانتفاضات القائمة إلى الآن في بئر السبع، وذلك بعد وقوع عمليات دهس وطعن قام بتنفيذها الشاب محمد أبو القيعان، حيث أن أربعة إسرائيليين لقوا مصرعهم في هذه العملية، ولكن بعد ذلك سرعان ما تم نقل هذه العمليات إلى تل أبيت، حين وقعت عملية صاعقة، قام الفدائي الفلسطيني رعد خازم بتنفيذها، ومن ثم تلى هذه العملية واحدة أخرى حدثت في بني براك، وقد فام بتنفيذها الشاب ضياء حمارشة من يعبد، وقد لقى خلالها خمسة إسرائيليين مصرعهم، كما وأن هذه العملية صدمت الأمن في إسرائيل، كما وقد قامت قنوات التلفاز في إسرائيل بنقل هذه العملية عبر شاشاتها، ونقلت هستيريا المستوطنين وذعرهم وهم يركضون في الشارع.
وقد قام رئيس وزراء الاحتلال الذي يدعى نقتالي بينيت بوضع خطط أهدافها مقصودة، وقام برفقة الجيش بنقل الأحداث إلى مدينة جنين، من دون أي اعتبار لأي من السلطة أو الأمن في فلسطين، كما وأنه أراد بذلك إيصال رسالة واضحة، والمقصود بها هو عدم حاجته للسلطة أو الأمن الفلسطيني وأنه قادر على أن يفرض أجندات ضد كافة التنظيمات الموجودة هناك، إلا أن هذا الأمر انقلب عليهم وبدلاً من سيطرتهم اندلعت انتفاضة في جنين ليس لها بداية أو نهاية.
وبعد أن فشل العدوان الذي كان يحمل اسم كاسر الأمواج، بدأت الانتفاضة يمتد لهيبها إلى مدينة نابلس، كما وأن هناك بعض العمليات الأخرى التي فشلت مثل عملية جز العشب، وطنجرة الضغط، إلا أن الاحتلال استمر في خطأه الاستراتيجي والذي يتمثل في مشاركة المستوطنين في المعارك، كما وسمح للإرهابيين اليهود بالقيام بحرق البساتين إضافة إلى تخريب ممتلكات العرب، والقيام بمنع الفلسطينيين من رفع أعلام فلسطين، وهذا ما أدى إلى إثارة غضب الشعب لأعلى المراحل، خاصةً بعد أن تم اعتماد الاعدامات الميدانية لتكون مهمة دائمة للمستعمرين.
في هذه الأيام نرى امتداد لهيب الانتفاضات لتنتقل من نابلس إلى جبال مدينة رام الله، ومازال الاحتلال يستمر في تكرير أخطائه التي قام بارتكابها في كل من الانتفاضة الأولى والثانية، حيث أنه بدلاً من أن يقوم بفتح أفق سياسي إلا أنه يقوم باستخدام المزيد من القوة والقمع، لتكون بذلك النتائج كما يتوقع، تقود إلى استمرار العمليات، ينضم لها العشرات من المقاتلين لصفوف الثورة الفلسطينية.
عاش المستوطنين منذ بداية العام المشؤوم 2007 “عام الانقسام”، أفضل أيامهم، وبدأ انتشارهم في أراضي دولة فلسطين كالجراد، واستمر اعتدائهم على المعالم الدينية، والسكان، ولم يقتصر الأمر على اعتداءاتهم، بل بدأوا بإنشاء التنظيمات الإرهابية، مثل أولاد التلال، وتدفيع الثمن، وغيرها الكثير من التنظيمات.
قبل وصول الانتفاضة لمرحلة لا رجوع منها يوجد مفترقان، الأول أن يواصل الاحتلال حملة الاعتقالات والاعدامات وعدم مراعاة أي اعتبار للأمن الفلسطيني، وهذا الأمر سوف يؤدي إلى انخراط ومشاركة آلاف الشباب في هذه الثورة القائمة، أما الثاني فهو استمرار ومواصلة المستوطنين في اعتدائهم بالرقص ونفخ الأبواق والغناء على المسجد الأقصى والحرم الإبراهيمي، الأمر الذي سوف يؤدي لاندلاع لهيب الثورة في الجنوب، الذي دائما ما قام التلفزيون الإسرائيلي بوصفه على أنه عاصمة حماس ومعقل حزب التحرير، ولكافة كل التيارات الإسلامية.
حين تستمع لتحليلات الجنرالات في إسرائيل، فإنهم يجزمون على أن هذه الانتفاضة تابعة للجهاد الإسلامي، وفي حال افترضنا بأن هذا الكلام صائب، فإن كل التحية لها باعتبارها منظمة صغيرة قامت بالنجاح لوحدها في أن تدخل في حرب مع دولة الاحتلال في غزة، كما وأنها نجحت في أن تسابق كافة التنظيمات الأخرى وقامت بتفجير هذه الانتفاضة بقوة.