في أول يوم من شهر أغسطس من كل عام منذ عام1961م تبحر سفينة تشبه سفن الفايكنغ الطويلة الشهيرة في القرن الحادي عشر فوق نهر Ola River إلى بلدة Catoira في شمال إسبانيا على منتهى سكان متنكرون في زي محاربي الفايكنغ اللذين يقومون بشن هجوم استعراضي على المدينة ليتم صده بكل نجاح من قبل السكان الآخرين وبعد المعركة التمثيلية التي يتشارك كل من السكان المنتصرين والفايكنغ وجبة غداء تقليدية من البحريات اللذين يؤدون رقصة غاليسية تقليدية.
كما يحيي المهرجان الشعبي ذكرى مقاومة غاليسيا للعديد من الغارات الفايكنغ التي حدثت منذ أكثر من ألف عام والتي عانت منها شبه الجزيرة الإيبيرية أكثر من معظم دول أوروبا باستثناء روسيا، كما تحتفي إسبانيا بتراث دحر الفايكنغ في غاليسيا جليقية شمال غرب البلاد، حيث يبقى تراث هجوم الفايكنغ على جنوب البلاد منطقة الأندلس هي الأقل حضور في الدراسات المعاصرة، نظراً لأن غاراتهم على إسبانيا من القرن التاسع إلى القرن الحادي عشر قد تزامن مع صعود حقبة حكم المسلمين للمنطقة، وهذا حسب إليزابيث درايسون الأكاديمية المتخصصة باللغة والثقافة الإسبانية بجامعة كامبردج البريطانية.
ثم في العقود الأخيرة قد اهتمم المؤرخون بتاريخ الحقبة خاصة بعد رحيل القبضة الحديدية لجنرال ما بعد الحرب الأهلية فرانكو في عام 1975م، حيث تعمقت إسبانيا في ماضيها الروماني والقوطي الغربي كما زاد الاهتمام بتاريخ الفايكنغ وهجماتهم التي كانت منسية من رواية المؤرخين لحد كبير وهذا بحسب مقال درايسون لموقع The Conversation.
كما كانت دراسة لعلماء آثار بجامعة Aberdeen الأسكتلندية في عام 2014م قد كشفت عن أثقال معدنية لقوارب الفايكنغ الطويلة في غاليسيا والتي جرفتها المياه إلى الشاطئ خلال عاصفة بالقرب مما بدا هذا وكأنه مكان معسكر قديم للفايكنغ، وهذا شكل دليل مادي ونادر على تاريخ هجمات شعوب الشمال الإسكندنافية، لكن الأكاديمية درايسون قالت رغم هذا فأن معظم ما نعرفه بالوقت الحالي عن غارات الفايكنغ قد جاء أساساً من روايات التي كتبها مؤرخون عرب، وأشاروا أن المهاجمين الإسكندنافيين بلفظ المجوس بمعنى الوثني أو عباد العديد من الآلهة.
كما شن الفايكنغ العديد من الهجمات على الجزر البريطانية وعلى الإمبراطورية الكار ولنجية الغربية التي حكمها الفرنجة في فرنسا الحالية بنهاية القرن الثامن، وهذا ما حفزهم على التقدم جنوباً ووصولاً إلى الجزيرة الخضراء وقادس على الساحل الجنوبي وهو إقليم الأندلس الإسباني وربما حتى شمال المغرب.
أيضاً قعت أولى غارات الفايكنغ على إسبانيا في عام 844 حين هبط أسطول فايكنغ بأشرعته الحمراء الدموية في غاليسيا بعد نهب بوردو بجنوب غرب فرنسا، حيث شرع في نهب القرى الساحلية حتى التي أوقفتها قوات راميرو الأول وهو ملك مملكة أستو رياس المسيحية شمال غرب شبه الجزيرة الإيبيرية.
أيضاً تروي إحدى الأساطير المحلية أنه عندما وصل الفايكنغ إلى مصب نهر ماسما الشمالي، قد صبى الأسقف غونزالو طلب للحماية من السماء واستجيبت صلاته عندما هبت عاصفة شديدة وقد غرقت معظم سفن الأسطول، حيث وقع هجوم الفايكنغ وهو الأكثر توثيق ودراماتيكية في شهر سبتمبر من العام نفسه، كما أبحر الفايكنغ جنوباً من غاليسيا، حيث نهبواً في طريقهم مدينة لشبونة البرتغالية التي كانت جزء من الأندلس المسلم كما ووجهوا أنظارهم إلى إشبيلية سيفيلا.
حيث استولى الفايكنغ على المدينة في أوائل شهر أكتوبر بعد قتال عنيف، وبالرغم من أن قلعتها قد ظلت تحت سيطرة المسلمين، وهذا ووفق للمؤرخ شهاب الدين النويري في عام 733هجري، وعام 1332ميلادي الذي اشتهر بموسوعته الضخمة نهاية الأرب في فنون الأدب التي أرخ فيها لتاريخ الإنسانية بدءاً بأول الخلق وحتى عصره، كما أن هؤلاء الفايكنغ الذين تركوا غاليسيا قد أرهبوا سكان إشبيلية وهددوهم بالسجن أو الموت إذا لم يتخلوا عن مدينتهم.
بعدها أرسل أمير قرطبة عبد الرحمن الثاني وهو رابع أمراء الدولة الأموية بالأندلس والذي اشتهر عبد الرحمن الأوسط كما شكل عصره بداية النهضة الثقافية والحضارية الأندلسية، كما أن جنوده الذين قيل إنهم دمروا ثلاثين زورق طويل وقد أحرقوها بالسلاح الحارق بالنيران اليونانية، كما هو مركب كيماوي من النفاث وهي مادة نفطية والجير الحي يشتعل عند ملامسته للماء.
كما تقول بعض الروايات إن هذا السلاح قد قتل ما يصل إلى ألف من الفايكنغ، وشنق أولئك الذين تم أسرهم على أعواد النخيل بالرغم من ادعاء بعضهم اعتناق الإسلام لإنقاذ حياتهم.